التاريخ العسكري للمملكة- قوة، استباقية، ودبلوماسية سلام

المؤلف: سلمى هوساوي11.23.2025
التاريخ العسكري للمملكة- قوة، استباقية، ودبلوماسية سلام

إن التاريخ العسكري يمثل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الأمم، ونشاطها العسكري يرتبط بشكل وثيق بالبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة. فالتاريخ العسكري للدول يصاحب انتصاراتها ونجاحاتها، كما يعكس في الوقت ذاته انحدارها وإخفاقاتها.

تهدف النظريات العسكرية، سواء كانت تتعلق بالحرب البرية أو البحرية أو الجوية، إلى فهم طبيعة الحرب وخصائصها المتغيرة عبر العصور. ففي العصور القديمة، كانت الحروب غالبًا ما تكون برية، وكان الهدف الأساسي منها هو ضمان الموارد الضرورية للبقاء على قيد الحياة. ومع مرور الوقت، تطورت الحروب لتشمل العمليات البحرية، وفي العصر الحديث، مع اختراع الطائرات، ظهرت الحروب الجوية. ووصل التطور إلى ما يُعرف بالحرب الباردة والحرب الإلكترونية.

لقد شهدت الوسائل والأسلحة المستخدمة في الحروب تحولاً كبيراً عبر الزمن. ففي الماضي، كانت الخيول والجمال والسيوف والسهام والدروع هي الأدوات الرئيسية المستخدمة في المعارك. لكن مع التقدم التكنولوجي، تطورت الأسلحة لتشمل الدبابات والطائرات الحربية المتطورة. وفي حين كان نقل الجيوش لمسافات طويلة يستغرق شهوراً في الماضي، أصبح الوصول إلى العدو والهجوم عليه يتم بسرعة فائقة في العصر الحالي، وذلك بفضل تطور وسائل النقل والاتصالات.

لعبت نظريات فن الحرب دوراً محورياً في التطور التاريخي للقوات المسلحة، وفي طرق إدارة الحروب والتنظيم والتسليح. فالنظرية العسكرية المعاصرة تستند إلى دروس التاريخ، وتستفيد من الخبرات القتالية والاستراتيجيات والتكتيكات التي تم تطويرها في الماضي.

تتمتع المملكة العربية السعودية بفكر عسكري استباقي وقوة عسكرية هائلة في مختلف قطاعاتها. وتتبنى المملكة نهجاً متوازناً في علاقاتها الخارجية، يعتمد على الحوار والدبلوماسية كأدوات رئيسية لحل النزاعات. وتؤمن المملكة بأن الحوار هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام بدلاً من اللجوء إلى الحروب المدمرة. علاوة على ذلك، تركز المملكة على الحفاظ على أمنها واستقرارها الداخلي، وتسعى جاهدة لتجنب الحروب التي قد تلحق الضرر بأفراد المجتمع، كما أنها تتبنى استراتيجية فعالة لنقل الصراعات خارج حدودها الجغرافية، وهي إحدى الاستراتيجيات القديمة المتميزة لفن الحرب. وتعتمد المملكة على الدبلوماسية في حل معظم الأزمات السياسية، إدراكاً منها بأنها بديل أكثر فاعلية من المعارك العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، تدعم المملكة الدول الأخرى في المجالات التنموية والتطويرية، وتشجع على إحلال السلام بين الدول بدلاً من إشعال الحروب.

يعتبر التطور والتقدم الذي تشهده نظريات فن الحرب والدبلوماسية في المملكة امتداداً للفكر العسكري الذي تبناه أئمة وملوك المملكة على مر العصور. وقد شهد هذا الفكر تطوراً ملحوظاً في عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي أصدر مرسوماً ملكياً بإنشاء المدرسة العسكرية في عام 1929، لتكون النواة الأساسية للنظام العسكري والأمني. وفي عام 1943، أصدر الملك عبدالعزيز مرسوماً ملكياً آخر بإنشاء وزارة الدفاع، مما أدى إلى توسع القطاعات العسكرية وإنشاء المستشفيات العسكرية.

منذ ذلك الحين وحتى وقتنا الحاضر، تعمل القوات المسلحة السعودية بخطى واثقة وإخلاص وتفانٍ في خدمة الوطن، تحت القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.

في المناسبات الوطنية، يتم تنظيم استعراضات عسكرية تهدف إلى إبراز قوة المملكة وتأكيد الولاء والانتماء للوطن. هذا الاستعراض يحمل رسالة واضحة للمواطنين، مفادها أنهم في رعاية الله، وأن القوات المسلحة هي حامية الوطن.

تعتبر العرضة السعودية تجسيداً للفكر العسكري للمملكة، وهي جزء لا يتجزأ من النظرية العسكرية التي استخدمها الإمام عبدالعزيز بن محمد -طيب الله ثراه- لبث روح الحماس والعزيمة في نفوس الجنود السعوديين أثناء المعارك.

وخلاصة القول، فإن المملكة العربية السعودية تمتلك نظاماً عسكرياً راسخاً وقوياً، تم بناؤه عبر سنوات طويلة من الجهد المتواصل من قبل ملوك المملكة. ويعد هذا النظام نموذجاً يحتذى به في المنطقة، بفضل تنوع أقسامه وفروعه وكفاءة منتسبيه.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة